سورة الحج - تفسير التفسير الوسيط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحج)


        


{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)} [الحج: 22/ 77- 78].
هذه جملة الأوامر التشريعية اليسيرة في القرآن الكريم، أولها الأمر بعبادة الله تعالى، وخصّ الله الركوع والسجود بالذكر تشريفا للصلاة، فيا أيها المؤمنون المصدقون بالله ورسوله، صلوا الصلاة المفروضة عليكم، المشتملة على الركوع والسجود، واعبدوه بسائر ما تعبدكم به من حج وصيام ونحوهما، وأقبلوا على فعل الخير الذي يرضي ربكم، ويقربكم منه، بأداء الطاعات وصلة الأرحام، والتحلي بمكارم الأخلاق. وفعل الخير يشمل التكاليف كلها، والأمر بها لتفلحوا وتفوزوا بما عند الله من الثواب والرضوان.
وحفاظا على جماعة الإيمان، جاهدوا في سبيل نصرة دين الله، ومن أجل إرضاء الله، جهادا حقا خالصا لوجهه الكريم، والجهاد ثلاثة أنواع: جهاد النفس والهوى، وجهاد الشيطان، وجهاد الأعداء، ويكون الجهاد باللسان والنفس والمال.
أخرج الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم».
وأسباب الجهاد ثلاثة:
أولا- إن الله تعالى اجتباكم واختاركم أيها المسلمون من بين سائر الأمم للقيام بهذه المهمة السامية، وخصكم بأكرم الرسل، علما بأنه تعالى لم يجعل الدين ضيقا حرجا شاقا، وإنما جعله سهلا يسيرا، فلم يكلفكم ما لا تطيقون، وإنما الجهاد لرد الاعتداء أمر ميسور، تقتضيه ضرورات الدفاع عن الوجود والحرمات والكرامات، والديار والأوطان، والعقيدة والشريعة الحق.
ثانيا- جعل الله ملتكم هي كملة إبراهيم الخليل أبيكم العظيم، وهي ملة الحنيفية السمحة، القائمة على التوحيد ونبذ الشرك والوثنية.
ثالثا- إن الله تعالى أو إبراهيم الخليل هو الذي سماكم المسلمين، أي المنقادين لأمر الله، من قبل أي في الكتب القديمة، وفي هذا أي في القرآن، والراجح أن الضمير في قوله سبحانه: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} يعود إلى الله تعالى، بدليل قوله: {وَفِي هذا} أي في القرآن، فهذه اللفظة تضعف قول من قال: الضمير لإبراهيم.
وهذه التسمية تؤول وتكون عاقبتها أن تتصف أمة الإسلام بالوسطية والاعتدال، عند جميع الأمم، فتتأهل أن يكون الرسول محمد صلّى اللّه عليه وسلّم شهيدا على أمته بتبليغها ما أرسل به إليهم، وليكون المسلمون شهداء على الناس في أن الرسل بلّغتهم رسالة ربهم، وشهادة الرسول على أمته علة في الحكم وهو تسميتها أمة مسلمة. وقبول شهادة المسلمين على غيرهم فيه تشريف للأمة.
وإذا كانت الأمة الإسلامية لها هذه المكانة، فعلى المؤمنين مقابلة هذه النعمة الجليلة بشكرها، وشكرها بإقامة الصلاة وأدائها تامة الأركان والشرائط بخشوع كامل، وخضوع تام لله، وإيتاء الزكاة التي هي طهرة للنفس والمال، والاعتصام بالله، أي الثقة به والالتجاء إليه، والاستعانة بقوته الفائقة على دفع كل مكروه، وهو ناصركم على من يعاديكم، فنعم المولى، أي الحافظ والناصر والمالك والخالق، المتولي أمور الخلائق، ونعم الناصر المعين وهو الله تعالى.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8